الملوك الأربعة: ذو القرنين



الملوك الأربعة

ذو القرنين



الملك ذو القرنين كان ثاني من حكم العالم و أول من حكم العالم من المؤمنين، لا يعلم ما اسمه ولكن الله سماه في القرآن بـذو القرنين، آتاه الله الملك والحكمة، نشأ في قوم مستضعفين في الأرض، وكان ملك شعب مجاور لهم يستضعفهم ويفرض عليهم الجزية وهم صاغرون، قيل أنه أسلم واعتنق الحنيفية عندما قابل خليل الله النبي إبراهيم عليه السلام في إحدى رحلاته، لذلك رجع إلى قومه مبشرا بهذا الدين الحنيف، الذي سينقلهم من الذل إلى العزة ومن الضعف إلى القوة، فلم يستجب له الكثيرون وسخروا منه وكلما دعاهم زادوا نفورا، فلم ييأس وبدأ يدعوا شباب قومه فتبعه القليل.







أما اللقب الذي اشتهر به (ذو القرنين) قصة عجيبة وهي أنه رأى ذات يوم حيث يرى النائم: "أنه صعد إلى الشمس واقتربت منه، حتى أمسك قرنيها بيده"، فاستيقظ منشرح الصدر، فأخذ يقص هذا المنام على قومه، فسخر منه جهلة قومه، وقالوا: "أن الملك الظالم سيضربك على قرني رأسك أو يقتلك ويعلقك من قرني شعرك"، لكن عقلاء قومه قالوا: "أن أمره سيظهر ويعظم حتى يملك قرني الدنيا مشرقها ومغربها". ومن ذلك اليوم سمي بذي القرنين.

بدأ نفوذ ذو القرنين يقوى شيئا فشيئا وأتباعه يزيدون حتى آلت إليه زعامة قومه، و بايعوه على السمع والطاعة ومحاربة الأعداء والسعي وراء الحرية، لما حضر رسل الملك الظالم لموعد دفع الجزية طردهم  ذو القرنين، وكتب رسالة للملك: "إني قد ذبحت الدجاجة التي كانت تبيض ذهبا وأكلت لحمها، وليس لك شيء عندي"فلما قرأ الملك الرسالة غضب ولكنه استهان في أمره لأن ذي القرنين شاب صغير، فأرسل الملك إلى  ذو القرنين موبخا و مستهزءا: "إني قد أرسلت لك بصولجان وكرة وكيلة (وعاء يكال به الحبوب) من السمسم، فالكرة والصولجان لتلعب بهما، فانه لا يليق بأمثالك سوى اللعب، أما المُلك فلست من أهله، وأحذرك أن تسترسل في غرورك، وإلا بعثت لك من يأتي بك مكبل في الأغلال، ولو كان جنودك وأنصارك بعدد حب السمسم الذي أرسلته لك".


فأرسل ذو القرنين يقول له: "قد علمت ما جاء بكتابك، وأعلم أن الأمر ليس كما فهمت أنت، فالصولجان هو صولجان الملك أقبض عليه إن شاء الله، والكرة هي أرضك وبلادك أضربها بصولجاني فأستولي عليها بنصر الله، ولو كان جنودك بعدد حب السمسم الذي أرسلته إلي".

بعد ذلك التقى الجيش المؤمن بالكافر فنصر الله جنوده وقتل الملك الظالم، وأورث الذين آمنوا الأرض، فتسلم  ذو القرنين المُلك فنشر التوحيد والعدل والأمن وأحبه الناس.





واصل  ذو القرنين دعوته حتى جاب الأرض غربا وشرقا، وأخضع البلاد كلها تحت حكمه. وقد ذكر في القرآن في قصة يأجوج و مأجوج، التي بينت أن  ذو القرنين لم يكن ملكا رشيدا فقط، بل كان عنده علم غزير وهبه الله إياه، بعد أن مَكّن له في الأرض وآتاه من كل شيء سببا، حتى أنه كان يعلم أن يأجوج و مأجوج من علامات الساعة، و سوف يفتحون الردم يوما ما وسيخرجون.


قال تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا (83) 
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) 

حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) 

قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) 

وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) 
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) 
حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90) 
كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) 
حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا (93) 
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) 
قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) 
آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) 
فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) 
قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)




اختلف العلماء في شخصية  ذو القرنين، فالبعض قال: هو الاسكندر المقدوني لكن أوصاف ذو القرنين لم تنطبق على الاسكندر المقدوني حيث كان الاسكندر رجل غير صالح. و قال اليهود والفرس: هو كورش ملك فارس (300 قبل الميلاد)، لكن أوصافه لم تنطبق على  ذو القرنين و أغلب الأخبار تؤكد أن كورش لم يحكم العالم، وقيل أن  ذو القرنين هو أحد التبابعة ملوك حمير وهو الرأي الأغلب. والله أعلم

الملوك الأربعة: ذو القرنين الملوك الأربعة: ذو القرنين Reviewed by Alez on January 10, 2014 Rating: 5

No comments:

Powered by Blogger.