فالله خيرٌ حافظًا | مع سبع في المسجد



مع سبع في المسجد


وافى قاضي القضاة المعروف بأبي السائب العراق، يقول: كنت قاصدًا إبن هبيرة فقيل لي إن الأرض مسبعة أي مليئة بالسباع، وأشير علي أن ألحق بقرية فيها حصن سميت لي، فآوي إليها قبل المساء، وكنت ماشياً، فأسرعت في المشي، إلى أن وافيت القرية، فوجدت باب الحصن مغلقًا، فدققت الباب، فلم يفتح لي، وتوسلت للقائمين بحراسته، بمن انصرفت من زيارته. فقالوا: قد أتانا منذ أيام من ذكر مثل ما ذكرت، فأدخلناه، وآويناه، فدل علينا اللصوص، وفتح لهم باب الحصن ليلاً، وأدخلهم، فسلبونا، ولكن الحق بذلك المسجد، وكن فيه، لئلا تمسي فيأتيك السبع. فصرت إلى المسجد، فدخلت بيتاً كان فيه وجلست، فلم يكن بأسرع من أن جاء رجل على حمال، منصرفاً من الحائر، فدخل المسجد، وشد حماره في غلق الباب، ودخل إلي، وكان معه كراز فيه ماء، وخرج، فأخرج منه سراجاً فأصلحه، ثم أخرج قداحة، فقدح، وأوقد، وأخرج خبزه، وأخرجت خبزي، واجتمعنا على الأكل، فما شعرنا إلا والسبع قد حصل في المسجد فلما رآه الحمار، دخل إلى البيت الذي كنا فيه، فدخل السبع وراءه، فخرج الحمار وجذب باب البيت بالرسن، فأغلقه علينا وعلى السبع، وصرنا محبوسين فيه، فحصلنا في أخبث محصل، وقدرنا أن السبع ليس يعرض لنا، بسبب السراج، وأنه إذا طفئ، أكلنا، أو أخذنا، وما طال الأمر أن فني ما كان في السراج من الدهن، وطفئ، وحصلنا في الظلمة، والسبع معنا، فما كان عندنا من حاله شيء إلا إذا تنفس، فإنا كنا نسمع نفسه، وراث الحمار من فزعه، فملأ المسجد روثاً، ومضى الليل ونحن على حالنا، وقد كدنا نتلف فزعاً، ثم سمعنا صوت الأذان من داخل الحصن، وبدا ضوء الصبح، فرأيناه من شقوق الباب، وجاء المؤذن من الحصن، فدخل المسجد، فلما رأى روث الحمار، لعن وشتم، وحل رسن الحمار من الغلق، فمر يطير من الفزع في الصحراء، لعلمه بما قد أفلت منه، وفتح المؤذن باب البيت ينظر من فيه، فوثب السبع إليه، فدقه، وحمله إلى الأجمة، وقمنا نحن، وانصرفنا سالمين.

مقبسة من كتاب الفرج بد الشدة للتنوخي
فالله خيرٌ حافظًا | مع سبع في المسجد فالله خيرٌ حافظًا | مع سبع في المسجد Reviewed by Alez on January 11, 2014 Rating: 5

No comments:

Powered by Blogger.