الهميان المفقود



الهميان المفقود

قصة عجيبة نرى فيها كيف يحفظ الله المال الحلال الطيب ويعود لصاحبه ولو بعد سنوات طويلة. 
يقول صاحب هذه الرواية: كنت أعمل في التجارة و رزقني الله رزقا حسنًا، وذهبت للحج في زمن من الأزمان فربطت إزاري بحزام من هميان (حزام جلد عريض) ووضعت به مصروفي في الحج، ووضعت فيه ما يقارب 3000 دينار، وأنا في طريقي للحج سقط مني هذا الهميان، فبحثت عنه فلم أجده وسط الزحام، وضاع الهميان وما بداخله، فلم آبه لفقدانه فما رزقني ربي أكثر، استودعته عند الله. وعدت من الحج وعشت حياة طيبة سعيدة مع زوجتي. لكن مع مرور الأيام بدأت أخسر في تجارتي، وبدأت أموالي تنقص شيئًا فشيئًا حتى خسرت تجارتي و أفلست وأصبحت من تاجر ثري إلى رجل فقير لا أملك شيئًا.

فقلت لزوجتي: تعلمين ماذا أصابنا من الفقر وقد كنا في عز وخير، والآن أصبحنا في ذل وهوان، فما رأيك لو رحلنا من هذه البلدةفوافقت على ذلك ورحلنا، نضرب في الأرض بحثا عن رزقٍ في بلاد أخرى حتى استقر بنا المطاف عند قرية بعد ما أصابنا الجهد والتعب في ليلة مظلمة مطيرة، ولم نجد شيئا سوى خانٍ خربٍ (بيتٍ مهجور) نأوي إليه وزوجتي التي جاءها المخاض في تلك الليلة.

وأنا لا أعلم ما أصنع حتى ولدت زوجتي طفلًا. فقالت لي يا فلان أخرج وغجلب لي شيئًا آكله وإلا مت أنا وطفلك، فخرجت مسرعا حيرانا، فلم أجد شيئا حتى وجدت بقالا، فانتظرت حتى ينتهي من عمله، وانتظرته فترة طويلة حتى انتهى البقال من عملهفسألني البقال: ماذا تريد؟..فقصصت عليه قصتي، فرحم حالي وأعطاني شيئا من حلبة وزيت في إناء، فأخذته فرحًا أركض مسرعًا إلى زوجتي لكن الأرض كانت مبتلة من المطر، فانزلقت وسقط الإناء وانكسر وانسكب الزيت واندلق، وأنا أنظر وأبكي، وأنا في حيرة ماذا أفعل؟، أذهب لزوجتي خاوي اليدين وأراها وهي تموت، أم أتركها تموت لوحدها، فقررت أن أنزوي أبكي تحت جدار بيت وتركها لتموت وحدها ولا أراها تموت أمام عيني.

وأخذت أبكي بكاء مرا، ففتح النافذة صاحب البيت يقول لي: يا فلان أزعجتنا نريد أن ننام، مالك تبكي؟فقلت: إليك عني، ماذا تريد مني؟قال لي: يا فلان أزعجتنا ببكائك، إما تسكت أو تذهبفقلت: لا أستطيع، فقصصت عليه قصتي وكيف كنت غنيا و ماذا حل بي، حتى أخبرته أني كنت لا اهتمام بشأن المال لكثرته عندي وأني فقدت هميانًا في الحج  منذ سنوات وكان به 3000 دينار ولم أهتم لما عندي خير كثير، والآن أنا أبحث عن درهم أو درهمين لكي أعيشقال لي: وما صفة الهميان؟. فقلت له: هل تريد ان تتسلى بي يا فلان؟فألح علي وبإصرار أن أصف له الهميان وأن أدقق الوصف، فأخبرته بلونه وصفاته وشكله والدنانير التي بداخلهفقال لي: أدخل. فدخلت بيته. قال: أين زوجتك وطفلك؟. قلت: في خان خرب في مكان كذا وكذا. فأرسل غلمانه فجاءوا بها وأدخلوها إلى حريمه، فأصلحوا شئنها وطفلها وأطعموها ونظفوها وألبسوها، وجاءوني بلباس وطعام.

ثم قال لي: أقم عندي. فأقمت عنده وكان يعطيني كل يوم عشرة دنانير وأنا متحير من كرم هذا الرجل، فلما كان بعد ذلك قال لي: في أي شيء تتصرف؟، فقلت له: لقد كنت تاجرًا، فقال لي: أنا أعطيك رأس مال تتجر به وتشركني فيه، فقلت: أفعل، فأعطاني دنانيرأتجر بها، فاتجرت بها حتى زادت تجارتي وبلغت أكثر مما خسرته في الماضي، عندها دعاني الرجل إلى بيته، فجلست فإذا بالرجل يخرج لي شيئًا!!! وكانت المفاجأة....همياني المفقود منذ سنين طويلة، ثم قال لي: أتعرف هذا؟، فحين رأيته شهقت شهقةً وأغمي علي، فلما استفقت قلت له: أجني أنت أم ملاك!، فقال لي: أحفظه لصاحبه منذ كذا وكذا سنة، فلما سمعتك تقول ما قلته عندها أدركت أني وجدت صاحب اللقطة وطلبتك بالعلامة والتدقيق بالوصف، فأردت ان أعطيه لك فورًا لكن خشيت أن يغشى عليك، فأعطيتك دنانير أوهمتك أنها هبة وإنما أعطيتك من هميانك، فخذ هميانك واجعلني في حل من أمري، فجعلت أبكي بكاءً شديدًا فشكرت الله ثم شكرت هذا الرجل الطيب ودعوت له بخير الجزاء من الله وأخذت الهميان وتجارتي وعدت إلى بلدي، وصلحت حالي وحال عائلتي والحمد لله.

لذلك من استودع شيئًا عند الله لا تضيع أبدًا ولو لسنوات طويلة، حتى وإن نسيتها فالله لا ينسى أبدًا.


*مقتبس من درس للشيخ نبيل العوضي-فالله خير حافظا.


الهميان المفقود الهميان المفقود Reviewed by Alez on June 17, 2017 Rating: 5

No comments:

Powered by Blogger.