ديك الجن



ديك الجن


هو عبدالسلام بن رغبان بن عبدالسلام بن حبيب بن عبد الله بن رغبان بن مزيد بن تميم الكلبي الحمصي، شاعر عباسي، مولود عام 161 هجري في مدينة حمص وتوفى عام 236 هجري.

ديك الجن
لقب بديك الجن بسبب لون عينيه الخضراوان ولحيته الحمراء عاش في حمص حياته الحافلة التي امتدت قرابة خمسة وسبعين عامًا، كان ديك الجن من عائلة غنية جدا فقد ورث عن أهله ثروة هائلة  لكنه بددها في الخمر واللهو، كان رجلا ماجنا يشرب الخمر ويمدحها علنا، وكان له ابن عم يدعى أبو الطيب يقرضه المال كلما احتاج.



أشعر الإنس والجن
ذات يوم قصده أبو نواس وهو في طريقه الى مصر، فطرق على بابه، فقالت الجارية انتظر ثم عادت لتخبره أن سيدها  في الخارج، قال أبو نواس: قولي له أخرج فقد فتنت الناس بشعرك بل أنت أشعر الإنس والجن بقولك:

مورّدة من كف ظبـي كأنمـا***تناولهـا مـن خـده فأدارهـا
بها غير معدول فداو خمارهـا***وصل بحبالات الغبوق ابتكارها
ونل من عظيم الورد كل عظيمة***إذا ذكرت خاف الحفيظان نارها

عندها خرج عليه ديك الجن واستقبله وزاده من شعره.


بنت الناعمة
كان لديك الجن صاحب يدعى بكر بن رستم وكان يلازمه في كل وقت، وكانت أسرار ديك الجن معه، ذات يوم علم احد اقارب ديك الجن له منصب في الدولة بأن ديك الجن في إحدى حفلات اللهو، فأرسل إليه: ان تفرق انت واصحابك والا اتيتك بنفسي.

فهرب ديك الجن هو وبكر بين الحقول إلى ان وصلوا الى دير في حي للنصارى فسمعوا من ناحية الدير اصوات لنساء ينشدن الشعر، وقد افتتن ديك الجن بإحداهن وتدعى ورد بنت الناعمة فقال فيها:

انظر إلى شمسِ القُصُورِ وبدرِها***وإلى خزاماها وبهجةِ زهرها
لم تبل عينك أبيضا في أسودٍ***جمع الجمال كوجهها في شعرها
وردية الوجناتِ يختبر اسمها***من ربقها من لا يحيط بخبرها
وتمايلت فضحكن من أردافها***عجبا ولكني بكيت لخصرها
تسقي كأسَ مدامةٍ من كفِّها***ورديَّةٍ ودامة من ثغرها

وقد صادف انها هي مفتتنة بقصائده..عندها لم يتمالك نفسه فظهر عليهن
ففزعن وقالوا له عيب عليك تتلصص على النساء.

فقال لهم: انا ديك الجن
قالوا له: ديك الجن شهم وبه مروؤة
قال لبنت الناعمة: أنتي تقولين شعري
قالت بنت الناعمة: وما يدريني انك ديك الجن.. هات الدليل

فأنشد ديك الجن:

قولـي لطيفـك ينثنـي***عن مضجعي وقت المنام 
كي استريـح وتنطفـي***نار تؤجج فـي العظـام 
دنـف تقلبـه الأكــف***على فراش من سقـام 
أما أنـا فكمـا علمـتِ***فهل لوصلك من دوام ؟ 

سرت الحسناء .. لكنها لم تصدق بعد .. وقالت له: باستطاعة اي هاوٍ قول ذلك مرة واحدة او حفظ الأبيات .. فهلاّ غيرت القافية

فقال :

قولـي لطيفـك ينثنـي***عن مضجعي وقت الرقاد
كي استريـح وتنطفـي***نار تؤجج فـي الفـؤاد
دنـف تقلبـه الأكـف***على فراش مـن قتـاد
أما أنـا فكمـا علمـتِ***فهل لوصلك من معاد ؟

بدات الحسناء عندها تتيقن ولكنها طلبت منه تكرار تغيير القافية كي تقطع الشك باليقين.

فقال :
قولـي لطيفـك ينثـنـي***عن مضجعي وقت الهجوع
كـي استريـح وتنطفـي***نار تؤجج فـي الضلـوع
دنـف تقلبـه الأكــف***على فراش مـن دمـوع
أمـا أنـا فكمـا علمـتِ***فهل لوصلك من رجوع ؟

وكرر ذلك مرة رابعة .. ايضاً .. فأعجبت الحسناء بشاعريته .. وقد كان اسمه قد سبقه اليها.

زواجه من بنت الناعمة

دعاها إلى الإسلام ليتزوج بها، فقبلت وأسلمت على يده فتزوجها، وكانت حياتهما حياة سعيدة، لم يعجب هذا الوضع أبو الطيب ابن عم ديك الجن، فدبر مكيدة لينتقم بها من ابن عمه.

كان ديك الجن في السابق مسرفا مبذرا للمال فقد أنفق كل ما ورثه من مال ودور في اللهو والخمر، فاستدان من أبي الطيب قبل زفافه.



القاتل التعيس
فقرر ديك الجن السفر الى الشام لمقابلة الأمير أحمد بن علي الهاشمي الذي كان يوده، لعله يكسب أعطيات ما تقضي عنه دينه اوصى صديقه بكر بزوجته ورد.

بعد أن  تاأكد أبو الطيب من مغادرة القافلة ذهب بذريعة الإطمئنان عن زوجة ابن عمه، وعاود عليها عروضه السخية بالمال للطلاق من ابن عمه ليتزوج هو بها لكنها صدته شر صدود، وأسمعته من الكلام ما يليق بخائن مثله.


بعد ان علم أبو الطيب بقرب وصول ديك الجن، أخبر ورد بأن ديك الجن قد قتله قطاع طرق وجثته تحمله القافلة المقبلة إلى حمص، وذهب إلى بكر وقص عليه نفس الخبر المكذوب وأوصاه بأن يذهب إلى بيت صاحبه ليواسي ورد بمصابها الجلل ريثما يتدبر هو تجهيزات الجنازة والدفن.

فكان بكر يبكى خارج بيت صاحبه وورد تبكي من خلف الباب. ومع وصول ديك الجن كان أول من استقبله ابن عمه ابو الطيب  قائلا له: ان زوجتك لم ترع غيابك يا ابن العم، وقد قضت كل وقتها في غيابك مع صديقك بكر، فيا للعار.

لقد أعمته الغيرة فذهب على الفور إلى بيته  فوجد صديقه بكر عند الباب باكيا ويسمع ورد خلف الباب باكية، فظن أنه بكاء العشاق قبل الفراق فأخرج سيفه من غمده وقتل بكرا وألحق وردا به وأخذ يبكيهما ويتشفى منهما على ما كان يظن من خيانتهما له، وهو ينشد: 

يا طلعة طلـع الحمـام عليهـا***وجنى لها ثمر الـردي بيديهـا
رويت من دمها الثرى ولطالمـا***روي الهوى شفتي من شفتيهـا
قد بات سيفي في مجال وشاحها***ومدامعي تجري علـى خدّيهـا
فوحق نعليها وما وطىء الحصى***شيء اعزّ علـيّ مـن نعليهـا
ما كان قتليها لأنـي لـم اكـن***أبكي إذا سقـط الذبـاب عليهـا
لكن ضننت على العيون بحسنها***وأنفت من نظر الحسود إليهـا




وبعد فترة طويلة أرسل أبو الطيب وهو يحتضر في طلب ابن عمه ديك الجن  وأخبره بأن صديقه وزوجته لم يخوناه وأنها مكيدة منه للتفريق بينهما، ففتق جرح قلبه من جديد وراح في جنون ينام في المقبرة بين قبري ورد وبكر ويخلط كأس الخمر بتراب قبر ورد وكأسا آخر بتراب قبر بكر وبقي على هذا الحال إلى آخر عمره.



ديك الجن ديك الجن Reviewed by Alez on February 21, 2019 Rating: 5

No comments:

Powered by Blogger.